كنت قد تعرضت فى مقال سابق إلى الذكاء العاطفى وبينت أهميته وضرورة إكتسابه كمهارة تعينك للوصول إلى السعادة والنجاح فى شتى مجالات الحياة، وذكرت أن من أهم عناصره وأولها هو معرفة الذات (النفس) أو الوعى الذاتى وهى حجر الأساس للذكاء العاطفى. فمعرفتك لنفسك يساعدك فى تفهم الأخرين وبناء علاقات جيدة معهم مهما كانت درجة إختلافهم معك ويساعدك ذلك على التقدم فى العمل والحياة العاطفية والإجتماعية. الوعى الذاتى هو الخطوة الأولى فى معرفة ميولك ورغباتك الحقيقية والتى تسعدك وتحقق لك الراحة النفسية كما أنه يساعدك على تحديد أهدافك فى الحياة بوضوح ودون تخبط.
ماهو الوعى الذاتى:
هذه الكلمة هى سهل ممتنع! حيث أن الكثير من الناس يظن أنه يعرف نفسه جيدا ولكن على العكس من ذلك تماما فالكثير من الناس لايعرف نفسه أو لايدرك ذاته بالشكل الصحيح. ومعرفة النفس ليست بذلك الشىء المعقد الذى يصعب على الإنسان أن يصل إليه ولكنها تحتاج لوقفة بسيطة فى حياتك والتركيز قليلا وتغيير بعض العادات وستجد نفسك تتعامل مع شخصية جديدة تماما عليك ولكنك ستحبها بكل تأكيد.
يقول دانييل جولدمان مؤلف كتاب الذكاء العاطفى أن الوعى الذاتى هو القدرة على معرفة المشاعر والأحاسيس فور حصولها أى بمعنى أخر هو طريقة محايدة تحافظ على تأمل الذات حتى في أثناء العواطف المتهيجة. ووفقا لقول چون ماير العالمالسيكولوجي بجامعة هامبشير (الوعى الذاتى هو أن نكون مدركين لحالتنا النفسية وتفكيرنا بالنسبة لهذه الحالةالمزاجية نفسها).
ولكن كيف تعرف ذاتك؟
لكى تصل إلى الوعى والإدراك الذاتى عليك أن تعرف من أنت بالضبط. واليك ست نصائح للتعرف على نفسك أكثر.
1. إعرف ماهى نقاط القوة لديك
وأيضا إعرف نقاط الضعف لديك، وحاول التركيز على ما أنت جيد فيه ، بدلا ان تركز مثل معظم الناس على ما أنت لست بجيد فيه، يجب عليك أن تحدد بالضبط مايميزك عن غيرك وماتبرع فيه مثلا هل انت واثق من نفسك، صبور، حليم، شجاع ، إجتماعى، مبادر، متعاون.... الخ. وفى المقابل أكتب نقاط ضعفك مثل الخوف، الشك، الميل للعزلة وغيرها ولكن ليس للتركيز عليها بل لمواجهتها والتغلب عليها.
2. أكتب قائمة بعاداتك
كل إنسان لديه عادات تؤثر فى حياته ومجريات يومه بشكل كبير سواء إعترف بها أو أنكرها. لذلك يجب عليك أن تكتب عاداتك كلها الجيدة والسيئة كل على حدة، أكتب عن عاداتك اليومية مهما صغرت فبالمحصلة لها تأثير كبير على حياتك مثلا هل أنت مدخن؟ هل أنت ملتزم بالمواعيد أم دائما متأخر؟ هل تأكل أظافرك؟.....الخ. العادة السيئة يمكن أن تتغير بعد رصدها والوعى بها.
3. أكتب قائمة بما تحب ومالاتحب
هذه أسهل واحدة، فكل إنسان يعرف مالذى يحبه ومالذى يكرهه. ولكن أيضا تحتاج إلى القليل من التعمق فإذا رجعنا الى الوراء ربما نجد أننا نفعل فى أشياء لسنوات عدة ليس لأننا نحبها بل بتأثير من أشخاص نحبهم. لذلك يجب عليك الإصغاء إلى قلبك وروحك لتصل إلى ماتحبه أنت ومايسعدك أنت.
4. إعرف مايحفزك
معرفة مايحفزك له أهميته الكبيرة فى زيادة الوعى الذاتى، إعرف مالذى يدفعك للقيام بالإعمال ؟ ماهى الرغبة الحقيقية التى تحركك لتمضى فى طريقك؟ إبحث بداخلك عن الدوافع والحوافز التى تجعلك تواصل الطريق مهما كان شاقا؟. بعد أن تعرف محفزاتك ستكون قادرا على إنجاز مهامك بفاعلية وحماس.
5. ماهى قيمك؟
القيم هى لبنات بناء حياتك. ماهى قيمك ومالذى يحكمك؟ هل هو الشرع والدين؟ أو مجموعة من القيم المتوارثة من الأباء والأجداد؟ أم قيم دخيلة تؤمن بها لوحدك؟ القيم تحكم مسيرة حياتنا وتصرفاتنا وردود أفعالنا، يجب أن ننتبه ونعرف جيدا ماهو الجيد من القيم التى توارثناها وماهو السىء. معرفتك لقيمك تجعلك تفهم تصرفات الأخرين النابعة من قيمهم وبالتالى تجعلك أكثر إنفتاحا على الأخرين وتفهما لهم.
6. إعرف نفسك من خلال الإخرين
حاول أن تسأل من تثق فيهم ممن حولك. قل لهم أن يخبروك عن نفسك كما يرونها هم ولكن بشرط أن تتقبل النقد مهما كان صعبا عليك ، فأنت ربما تجد القبول من كثير ممن حولك وتسمع الكثير من المدح فى شخصيتك ولكن أيضا توجد صفات لابد لك من الإلتفات اليها وربما يعينك على ذلك صديق مخلص، مثلا يمكن أن يكون جميع أصدقائك يحبون كلامك ويستمتعون بقصصك ولكن يخبرك احدهم أنك تحتكر الجلسة ولاتصغى لأحد غيرك فهو بهذا لفت إنتباهك لنقطة ربما قد لاتنتبه لها بمفردك.
هنالك طرق وبرامج وإختبارات كثيرة للتعرف على نفسك بصورة أحسن، كل ماعليك هو أخذ وقفة مع ذاتك لتعرف دوافعها وإنفعالاتها ومايسعدها ومايتعسها ليسهل لك التحكم بها وامتلاك زمام الإمور.
كل منا لديه موهبة وميزة فريدة خصه بها الخالق؛ مهمتك هى إكتشاف تلك الموهبة وإستغلالها الإستغلال الأمثل.
0 التعليقات: